صيف الناظور .. اصطياف ومناسبة للأفراح والأعراس

فصل الصيف بكل ما يميزه من حر وعطلة، واصطياف وسفر، فهو كذلك مناسبة للأفراح والأعراس .. فبحلوله تشهد كل المناطق والجهات المغربية، مدن وقرى، انتشارا واسعا وتنافسا كبيرا في إقامة حفلات الأعراس، التي تختلف عاداتها وتقاليدها من منطقة إلى أخرى، بحسب طابع سكانها و خصوصياتهم، مما يضفي على كل عرس شكلا خاصا وتنوعا في أنماط الزي واللباس، وطريقة التجميل والأهازيج الشعبية التراثية، وحتى المدة المخصصة تختلف من منطقة إلى أخرى …
وتعتبر مدينة الناظور، من أكثر المدن ازدحاما في حفلات الأعراس خلال فصل الصيف، حيث يتميز العرس الناظوري بخصوصيته ومكانته الإستثنائية في تقاليد وثقافة المنطقة ككل، لأنه يتميز بتقاليد عريقة تتمثل في “الملاك”، “الحنة” …
فالعرس بالناظور حافظ على الكثير من تقاليده وخصوصياته، فجل الأسر سواء الناظورية العريقة أو تلك التي نزحت للناظور لاحقا أصبحت متأثرة بشكل كبير بالعرس التقليدي، وأصبحت تحتفظ بتراتبية الأمور، انطلاقا من “يوم الحناء إلى “التبييتة”، كما ظلت أعراس الناظور ملتزمة بخصوصيتها المحافظة.
عادة ما يبدء الزواج في الناظور بيوم “الملاك” الذي يتم خلاله “عقد القران”، وينشطه أهل الزوجين وتلبس العروس خلاله “التكشيطة” المغربية المعروفة، وتقوم “المزينة” بإلباسها وتزيينها، قبل أن يأتي العريس برفقة أخواته وإخوانه ووالديه وفي أيديهم ما أتى به العريس لعروسته من هدايا، وتتمثل أساسا في الذهب والأثواب وما شابههما من نفائس ..
كل ذلك يسبق ليلة الحناء، التي تكون إعلان حقيقي عن بداية مراسيم العرس والزواج، حيث العروس ترتدي القفطان الأبيض المتميز الذي يشير لعذريتها، وتنزل عليه الرداء الأبيض رمز الوقار والحشمة، لتقوم النقاشة بنقش الحناء في يديها ورجليها، تحت ابتهالات وأمداح وأغاني نسائية شجية، كما يستفيد من تلك الحناء أيضا أقاربها وأصدقائها وكل من يريد من الحاضرين المتجمعين معها.
اليوم الحاسم في العرس هو “الظهور” أو “التبييتة” إنه العرس الحقيقي بالنسبة للعروس، وقد كان يتم بشكل منفصل تماما، حيث يحتضنه منزل العروس، ويسبق يوم الزفاف بيوم كامل أو أكثر أحيانا، لكنه اليوم تغير الوضع، فأصبح “الظهور” يتم في مكان واحد وهو قاعة الحفلات.
وتظهر العروس أول ما تظهر برفقة “المشطة” وهي لابسة التكشيطة عادة ما تكون ذهبية، ويزين صدرها بالجواهر العديدة المصففة بطريقة بديعة، فيما تضع على رأسها “التاج” و”خيط الروح” ويزين شعرها بـ”الخلايل” و”الجواهر” و”الشطبات” المرصعة بالأحجار الكريمة و”البيلو” وهو رداء شفاف مطروز بشكل دقيق، و بعد ذلك تلبس العروس لبسة الأميرة أو السلطانة وتجلس في العمارية و تقوم النكافات برفعها و الدوران بها.
وفي هذه اللحظة يودع والد العروس ابنته تعبيرا عن خروجها من كنفه ودخولها كنف زوجها، بينما تستعد عائلة العريس لاستقبال العروس وأفراد أسرتها وصديقاتها.
وبعد وصول العروس إلى بيت الزوجية تستقبلها أم العريس وتقدم لها التمر والحليب تعبيرا عن ترحيبها وفي صباح اليوم الموالي تتم دعوة الأقارب لتناول وجبة الفطور التي تشتمل على ”الحريرة” و “المسمنة” والشاي والقهوة والحلويات.
لكن في أيامنا هاته، تغيرت هذه العادة نوعا ما، واصبحت العروس تخرج في السيارة الفارهة المزوقة بدورها وتتوجه لأحد الفنادق في الغالب.