سلايد Slideمجتمع

إلى متى يظل المحتكرون ماسكون بجيوب المواطنين؟

تشكل المواسم الدينية والعطل مناسبات للعائلات والأسر المغربية في الرفع من استهلاكاتها تيمنا باجتماعاتها وبأفراحها، غير انه في الوقت الذي يريد الجميع أن ينشد السعادة، فهناك على الجانب الأخر من يستعد، من أصحاب النفوذ الاقتصادي لتحريك آلياتهم الاحتكارية، و يعطون لأنفسهم الحق في استثمار هذه الفرص، و يشرعون في ظل غياب قانون واضح للاستهلاك و في ظل انعدام جمعيات تعنى بحقوق المستهلكين، وفي ظل فتور عمل لجان مراقبة الأسعار، إلى التحكم في الأسواق وسيولة السلع بها، و بطريق جشعة، يطلق هؤلاء المتوحشون العنان لجنونهم، فيستبيحون بفضل حرية الأسواق أياديهم القذرة، و يوجهونها نهارا جهارا نحو جيوب المواطنين الذين يصيرون لقمة سائغة، يستنزفون مدخراتهم البسيطة من دون شفقة أو رحمة.

هذه الصورة أصبحت نمطية في بلدنا، وصار رمضان وعيد الفطر وعاشوراء و عيد الأضحى والدخول المدرسي والعطل و غيرها من أيام اللقاءات، من أحسن الفترات لأصحاب النفوذ التجاري في الرفع من قيمة المنتوجات الاستهلاكية، وهو النهج الذي أصبح ملازما لهم، وصارت في نفس الأوان هذه المناسبات من أصعب الفترات التي تمر بها النخوة والكرم المغربين، وهم بهذا السلوك التحايلي و العدائي لا شك أنهم سيدفعون إن عاجلا أم آجلا بالمسحوقين إلى ابتكار طرق المواجهة، و إن كانت بعض معالم هذه المواجهة بدأت تظهر إلى الوجود كما حدث و يحدث في مدينة الحسيمة التي خرجت أمواج بشرية بها تطالب بالحق الذي يكفلها لها الدستور في نيل حقوقها، وبدأ بعض زعماء الحراك في توجيه شبه إنذارات لهولاء المتربصين بهم وبفاتورات خبزهم اليومي، كما روج له في حالة معاودة تجربتهم مع الثمن الذي يسوق به السردين في الحسيمة أيام الصيف و الذي إن ارتفع عن 7 دراهم، فان الحراك والاحتجاج سيطال المسؤولين عن مراقبة الأسعار وسيطال المحتكرين للمادة أنفسهم عبر تنظيم وقفات احتجاجية و مسيرات منددة بهذا الأمر.

إن للمجتمع آليات أخرى، كفيلة هي أيضا بكبح هذا التمدد الزئبقي في الأسعار المرتبطة بأغلب المواد الغذائية أيام الصيف، وهي آلية بسيطة ولكنها تتطلب من المجتمع المدني أن ينتظم في جمعيات للدفاع عن حقوق المستهلك التي ستكون بمثابة المثير للمسؤولين في الإدارة للتحرك كلما توصلت بنداءاتها، وستفضح الجهة المستفيدة أيا كان موقعها و ستمنع كل أشكال التستر التي لا شك أنها حاليا تمارس و لا من احد ينادي بمحاربتها.

كما انه يبقى للمستهلكين خيارا آخر أكثر نجاعة وفعالية، وهو خيار المقاطعة لأي سلعة تبين لهم أن سعرها وراءه مؤامرة عليهم، وهذا الخيار بسيط، ولا يتطلب إلا التضامن بين الفقير والمتوسط والغني، كما لا يحتاج إلا إلى إحداث تنسيقيات محلية تعلن عبر الشبكة العنكبوثية ومواقع التواصل الاجتماعي أو عبر مكبرات للصوت تعطي شروحات للمواطنين وتشرح لهم أسباب المقاطعة، فيقل الطلب وتنخفض الأسعار، و هذا نوع من الاحتجاج الحضاري مارسته شعوب كثيرة في العديد من الدول، فما حدث بالأرجنتين لمنتجي البيض يجب أن يحدث عندنا لمحتكري السمك على سبيل المثال، فماذا سيقع في الدنيا لو أن سكان مدينة بحرية قاطعوا استهلاك مادة السمك إن هي تجاوزت الأسعار التي تباع بها في اقرب المدن إليها؟ وماذا سيخسر المستهلكون في عموم الوطن إن هم قاطعوا كل مادة من المواد الغذائية التي يكون الاحتكار سببا في رفع سعرها؟ أو أن عرضها للبيع لا يحترمهم كبشر من حيث طريقة عرضها، أو أمكنة بيعها؟ فإلى متى يظل المحتكرون متمسكين بجيوب المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock