سلايد Slideمحلية

مراكب الصيد .. نعمة على أصحاب المراكب ونقمة على أرباب قوارب الصيد التقليدي بشواطئ إقليم الناظور

بني شيكر القرية الساحلية بإقليم الناظور التي تعتبر من بين النقط البحرية المعدودة على رؤوس الأصابع التي لا تزال تزخر بمخزون سمكي مهم، حيث أصبح قطاع الصيد البحري التقليدي فيها يعيش تحت رحمة بعض العابثين، حتى أضحى محيطها بضفاف البحر الأبيض المتوسط معرضا للاستنزاف بعدما دق البحارة التقليديون في هذا القطاع ناقوس الخطر بخصوص ما ستسفر عنه الجرائم المرتكبة في حق الثروة السمكية .

ليس من قبيل المجازفة القول إن الثروة السمكية ببني شيكر أصبحت مهددة بالانقراض ومبعث هذا التخوف ليس جديدا، فقد سبق للمهنيين أن حذروا قبل سنوات من الآن في لقاءات تواصلية عدة من مغبة استنزاف المجال البحري لساحل الإقليم غير أن هذه التنبيهات وإن توالت فإنها لم تجد طريقها لمفكرة الوزارة الوصية التي ظلت تتعامل مع هذه الوجهة البحرية بعيدا عن مفهوم الاستدامة التي راهنت عليها من خلال إستراتيجيتها القطاعية، سيما بعدما اتضح لمتتبعي الشأن البحري عدم تعاطيها بالصرامة الكافية مع عدد من المتلاعبين بالثروة السمكية للمنطقة بل أكثر من ذلك فهناك أصوات استنكرت في كذا مناسبة غض الطرف عن بعض اللوبيات التي تستغل الوضع في البحر صيانة لمصالحها الخاصة.

وظلت مثل هذه الدعوات وإن صدحت بها حناجر المهتمين والمهنيين الغيورين على الامتداد البحري للمنطقة، مجرد ضرب من الخيال ونوع من المزايدات في نظر المسؤولين القطاعيين، لكن اليوم لم يعد هناك مجال للتهرب من الحقيقة التي يريد المسؤولون بقطاع الصيد البحري التقليدي إخفاءها بالكثير من القوانين.

فعادة القاعدة تقول إن القانون يأتي بعد أن يكون الداء قد وصل إلى مراتب متقدمة، وداء البحر إذا شئنا الدقة أكثر، وصل إلى مسام الاقتصاد بالمنطقة التي أصبحت نقطة صيد مصنفة وطنية، وصار مع توالي الأيام يهدد المئات من العائلات بالكساد بسبب جشع أباطرة البحر الذين يفعلون كل شيء للحفاظ على امتيازاتهم كاملة . فتارة يواجهون مشاريع القوانين بشراسة غير مفهومة وتارة، يلتفون عليها داخل التمثيليات المهنية الاستشارية كما هو الشأن لغرف الصيد البحري، ويجنون من وراء ذلك الملايير من الدراهم سنويا، أما سلطات المراقبة، فلا عين رأت ولا أذن سمعت إلا من رحم ربك.

إن ثمة ما يشبه الإجماع في الأوساط المهنية التقليدية ومعها عموم المهتمين والمتتبعين أن مراكب الصيد الساحلي ذات الجرار التي تصطاد في البحر قرب الشاطئ تعد العدو الأول للبحر وللبحارة، ليس لأنها تصطاد أثمن وأغلى الأسماك، بل لأنها تدمره وتجرف كل شيء في رحلة البحث على أكبر نسبة من الربح، بدءا بقتل الأسماك الصغيرة ورميها في البحر ومرورا بالتحايل على القانون من أجل اصطياد أكبر حصة ممكنة من الأسماك ووصولا إلى احتكار حصة الأسد من الكوطا المخصصة للصيد بكل تفرعاته السمكية.

وتبقى من الصور التي توثق لأهم الخروقات التي تطبع ملف الصيد البحري التقليدي بالمنطقة، خاصة فيما يرتبط بالصيد في المسافة الممنوعة للصيد لهاته المراكب، واصطياد الإخطبوط والمافيات المتشعبة التي تتحكم في البحارة وفي المحصلة، مما يخلص نتيجة مفادها أن بني شيكر باتت قريبة جدا من فقدان مخزونها السمكي بطريقة تبعث على الكثير من الغرابة.

وهنا نطرح السؤال الخطير، هل سيصبح ساحل الإقليم بدون ثروة سمكية؟ وكيف أصبحت الثروة السمكية بالمنطقة مهددة بالانقراض؟ هل تتورط لوبيات الصيد في استنزاف الخيرات البحرية؟ يحدث أن يكون القانون هو نفسه من يحمي منتهكيه، تارة لأنه يترك لهم فراغات وبياضات كثيرة، يعبثون بها كما يشاؤون، وتارة يعجز عن مسايرة حيلهم وخططهم هي أسئلة تطرح لتجيب عن نفسها عبر ما يسجله الساحل من ظواهر إستحالت إلى عادات أمام ضعف المراقبة وعجز الإدارة عن تطبيق القوانين التي وضعتها ضمان لاستمرا الحياة البحرية بما يضمن مستقبل زاهرة للثروة السمكية وصلا للأجيال القادمة.

يعد الصيد البحري التقليدي أحد الشرايين المهمة التي يتنفس عبرها ساكنة القرية الساحلية بالإقليم إذ يشغل القطاع نسبة كبيرة تعد بالمئات بشكل مباشر وغير مباشر، وتستفيد منه عدة شرائح اجتماعية مساهما بذلك في خلق رواج اقتصادي بالمركز هذا في وقت يعد فيه قطاع الصيد التقليدي وفق تقارير المنظمات العالمية المهتمة ، أكثر حرصا على المجال البيئي وكذلك الثروة السمكية، غير أن هذا القطاع يبقى في حاجة إلى التفاتة حقيقية بالمنطقة وإعادة النظر في ظروف اشتغاله وتثمين مصطاداته مع مراجعة بعض القرارات التي تهم تحديد حصص المصطادات، وأنواع معينة من الأسماك كما هو الشأن للإخطبوط مراجعة الحصص المخصصة له إذ يطالب المهنيون بالزيادة فيها بما يتناسب وتطلعات مجهزي القوارب التي تشتغل على هذا النوع من الصيد.

هي مطالب تأتي للحد من هيمنة البعض مما يحول دون تكافئ الفرص سيما من طرف مجهزي مراكب الجر التي تقهقرت معها الثروة السمكية، فهل يا ترى ستبقى المراكب أمام مرأى من أعين السلطات ومعها الوزارة الوصية، “النقمة” التي ابتلي بها ساحل الناظور؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock